اهلا بكم وتعالوا أحكي لكم النهاردة عن أخطر جاسوسة في تاريخ مصر
في يوم تلاتاشر يوليو سنة الف تسعمية سبعة وأربعين وفي قلب صعيد مصر أتولدت هبة عبدالرحمن سليم عامر لعيلة من أعيان مركز ساحل سليم في محافظة أسيوط أبوها كان عنده ثروة ضخمة ورثها عن أهله وتجارته كانت شغالة جوة مصر وبرة وأنضمام هبة للعيلة كان الحلم اللي أبوها بيحلم به من سنين فحرفيا كانت دلوعة أبوها والحياة اللي عاشتها من أول ما اتولدت كانت في غاية الطرف
هبة من يوم ما اتولدت هي عايشة في قصر كل طلباتها مجابة ما تعرفش يعني ايه كلمة لأ ونشأتها في بيئة بالشكل ده كلها فلوس ونفوذ خلتها شخصية بعيدة كل البعد عن واقع أغلب المصريين ولا تعرف يعني أيه معاناة ولا كفاح ولا حتى أحساس بالأنتماء لبلد أغلب شعبها بيكافح علشان لقمة العيش بعد سنين طويلة من حياة الرفاهية في الصعيد قرر عبدالرحمن سليم أن الثروة لوحدها مش كفاية وبدأ يطمح لأنه يكون أكبر من مجرد واحد من أعيان أسيوط وكان شايف أن القوى حقيقية لما الفلوس تجتمع مع السلطة وعلشان كده قرر عبدالرحمن أنه ينقل حياته كلها للقاهرة وهناك يستغل علاقاته الكبيرة ويدخل عالم السياسة وفعلا من خلال ثروته وشبكة معارفه القوية وصل أنه اتعين نائب وزير التعليم وده كان أول منصب حكومي يتعين فيه وده يبين لنا قد أيه فلوسه وعلاقاته كانت قوية ومع المنصب الجديد أنتقلت العيلة كلها لحي المهندسين في القاهرة واللي ما كانش بيسكنوا وقتها غير الصفوة المجتمع
بس
وهبة في الوقت ده كان عمرها تلتاشر سنة ومن بنت عين من أعيان الصعيد لبنت نائب وزير التربية والتعليم في مصر ومن هنا بدأ الفخر في قلبها يزيد وكلام أبوها دايما عن أنهم جماعة فلوس ونفوذ نمى جواها أحساس بالتعالي وكأن اللي خلقها ما خلقش زيها بعد فترة صغيرة من أنتقالهم للقاهرة طلبت هبة أن أبوها يشترك في النادي وهناك بقى دخلت في عالم تاني خالص عالم مليان رياضات وأنشطة وحفلات مكان أغلب المصريين ما يعرفوش عنه حاجة في الوقت ده وفضلت هبة على كده لحد سنة ألف تسعمية خمسة وستين لما بقى عمرها تمنتاشر سنة وعلى عكس المتوقع من واحدة عايشة حياتها بالطول والعرض كده هبة كانت متفوقة جدا في الدراسة جابت مجموع عالي في الثانوية العامة ودخلت الجامعة ووقتها قررت أنها تسيب نادي المهندسين وتنضم لنادي أكبر وأرقى وهو نادي الجزيرة الرياضي واللي كان يعتبر ملتقى صفوة المجتمع المصري وقتها وهناك عملت شلة صحاب ومعارف وبقت مشهورة في النادي ومن وسط الناس دول كان في واحد دايما وراها في كل حتة لحد ما بقى مصدر قلق وأزعاج بالنسبة لها وهو الزابط المهندس فاروق عبدالحميد الفقي هبة في الوقت ده كانت بتدرس في جامعة القاهرة كلية الأداب قسم اللغة الفرنسية وكالعادة كانت متفوقة وذكية ولفتت الانظار بجمالها وثقافتها ولباقتها ومن بين الناس اللي كانوا معجبين بها كان رئيس قسم اللغة الفرنسية أستاذ فرنسي منتدب من جامعة السوربون من أصول يهودية كان شايف في هبة طموح وذكاء ما ينفعش يضيعه من أيديه وعلشان كده لما اتخرجت سنة الف تسعمية تسعة وستين وكان ترتيبها التانية على الدفعة كلها رئيس القسم تواصل مع جامعة السوربون علشان يعملوا استثناء ويدوا منحة دراسية مجانية لأول أتنين على الدفعة بدل أول واحد بس وبعد معافرة وأصرار غريب منه وافقوا على المنحة لكن أهلها رفضوا فكرة أنها تسافر وتعيش في بلد أجنبي لوحدها لكن برضه رئيس لما عرف ما استسلمش وطلب انه يقابل ابوها علشان يقنعه وفي نفس الوقت ظهر في المشهد عمر جلال حسين صاحب أبوها كان مدير شركة مصر للتجارة الخارجية واسرته كانت عايشة في باريس واللي لما عرف موضوع منحة جامعة السوربون اتوسط عند أبوها وطمنه ان بنته هتعيش معهم في بيتهم وهتكون في أمان وفعلا بعد الحاح وافق ابوها على سفر البنت بشرط أنها تعيش مع عيلة عمر اول ما وصلت هبة لباريس عاشت مع عيلة عمر زي ما كان الأتفاق ومن تاني يوم على طول نزلت بقى تتفسح وتلف في البلد واتعرفت هناك على بنت بولندية أسمها نتاشا والحقيقة ما حدش يعرف إذا كان اللقاء ده كان صدفة ولا كان مترتب له لكن الأكيد أن نتاشا بقت أقرب صديقة لهبة بل صديقتها الوحيدة كمان ومن خلالها أتعرفت هبة على عالم جديد مختلف تماما عن كان في مصر حفلات خروجات سهر أجواء نستها أنها مغتربة ومش من الناس دول وبدأت تحس أنها بتنتمي للمجتمع ده أكتر من المجتمع اللي كانت عايشة فيه وفي الفترة دي حاولت أنها تشتغل في السفارة المصرية هناك أو في مكتب الملحق العسكري علشان بس تفضل عايشة في البلد دي للأبد لكن كل مرة طلبها كان بيترفض وده خلق جواها أحساس بالغضب من ناحية مصر والأحساس ده خلاها تحس أنها مش متقدرة
بعد ما نتاشا أطمنت أن هبة بقت بتثق فيها ثقة عمياء وبقت أقرب حد لها بدأت تكشف عن وشها الحقيقي نتاشا ما كانتش مجرد بنت بولندية هي كمان كانت يهودية وعلى مدار ست شهور فضلت تاخد هبة وتروح بها على مركز ثقافي في باريس اسمه السلام لشعب الله في الارض وطبعا واضح من الأسم المركز ده تابع لمين وبيخدم مين بس اللي كان ظاهر أنه مركز بيوضح السلام والأعمال الخيرية اللي بتقدمها الدول لبعضها وتحديدا الكيان الصهيوني وأزاي أنها دولة شعبها مسالم والعرب هم اللي بيكرهوا الأنسانية والخير وطبعا كل ده مدعم بافلام وصور للأراضي المحتلة علشان يوروهم أزاي الأرض اللي كانت صحراء بالعزيمة قدروا يحولوها الجنة وواحدة واحدة بدأت هبة تقتنع بكلامهم لدرجة أنها بقت تكره أصولها عربية بسبب الوحشية اللي في تاريخ العرب زي ما فهمت كمان ما أكتفتش بكده بقت تدخل هبة في نقاشات مع شباب عرب من اللي بينادوا برد الهزيمة اللي حصلت في سبعة وستين علشان تقنعهم كعربية زيهم ومصرية انك في اي حروب لحد كده
وأن مصر مهما عملت مش هتقدر تهزم دولة قوية زي الكيان الصهيوني وأي مواجهة تانية أنتحار وهدر لدماء شباب الوطن عملية غسيل الدماغ كانت شغالة بشكل ممنهج ودقيق علشان يتم تجهيز هبة نفسيا وفكريا للخطوة اللي بعدها
في يوم من الأيام أثناء ما كانت هبة قاعدة في سهرة من السهرات اللي كانت نتاشا بتعزمها عليهم كان قاعد معهم على نفس الترابيزة شاب وسيم عرف نفسه أنه طالب اسرائيلي من اصول فرنسية وبدأ يتكلم عن قد ايه هي بلد جميلة وازاي هو وكل اللي زيه بيحلموا ان نظرة العرب الوحشية لهم تتغير والكل يعيش في سلام شوية والمحادثات خدت بعد اعمق وبدأوا يتكلموا عن حياتهم الشخصية وهنا بقى هبة علشان تستعرض امكانياتها حكت لهم عن الزابط المصري اللي كان بيلاحقها في نادي الجزيرة وعامل لها أزعاج وهي مش مدية له ريق وعلى الرغم من أن المعلومة دي كانت في وسط كلام كتير اتقال إلا أن الجملة دي تحديدا رنت في ودان الشاب الأسرائيلي وفورا فهم أن الصيدة اللي قدامه أهم بكتير من مجرد بنت عربية بيعملوا لها غسيل دماغ وسألها عن أسم الزابط وهل تعرف تخصصه في الجيش ولا لا? فكان ردها أنه زابط مهندس في الجيش المصري وأكيد وقتها طار من الفرحة قال لها أنهم لازم يتقابلوا بكرة في المركز الثقافي علشان عنده كلام مهم عايز يقوله لها وفعلا تاني يوم اتقابلوا وهناك أعترف لها أنه مش طالب ولا حاجة بل أنه زابط في الموساد الأسرائيلي أسمه أدمون وعايزها تكون شريكته في أسمى عملية سلام هيعملوها في حياتهم وده لتحقيق السلام في المنطقة وبشوية كلام معسول وشعارات كدابة ضحك عليها وبعد كم لقاء وافقت هبة وقالت له أنها مستعدة تعمل أي حاجة طالما كله في سبيل تحقيق السلام العالمي
المعلومة اللي أدمون خدها من هبة بالنسبة لها مجرد معلومة كانت كنز حقيقي وقعت تحت أيديه لأنه لما بدأ يدور عن فاروق الفقي اللي هي أتكلمت عنه عرف أنه مقدم مهندس في سلاح الصاعقة واحدة من أهم وأخطر الوحدات في الجيش المصري ووجود شخص بالرتبة دي في المكان ده معناه أنه بيص على معلومات وأسرار في غاية الأهمية وبكده بقى المقدم فاروق الفقي هو الهدف الأول اللي أتبنت عليه أول وأخطر مهمة لهبة سليم
وعليه تم نقلها للمرحلة اللي بعدها من مجرد زيارات للمركز الثقافي لتدريبات رسمية على أيد أربعة من كبار ضباط الموساد علموها فيها فنون الجاسوسية ودربوها على أستخدام الحبر السري وعلموها لغة الأشارة والشفرات المعقدة والأهم من كده دربوها على تشغيل جهاز أرسال وأستقبال متطور جدا تقدر تتواصل عن طريقه معهم في وقت وفي سرية تامة ولما حسوا أنها خلاص بقت جاهزة
أدوها مهمتها الأولى وطلبوا منها تنزل على مصر
هبة لما نزلت أجازتها راحت على طول على نادي الجزيرة علشان يوصل خبر لفاروق أنها رجعت وفعلا ما عداش أكتر من يوم فاروق يلاحقها زي الأول ويحاول يتكلم معها بس المرة دي بقى حصل اللي كان بيتمناه وهبة بدأت تدي له ريق حلو وتقعد معه لوحدها وفي كل مرة كانوا بيتقابلوا كانت بتلعب على نقاط ضعفه النفسية وتفضل ترمي له في نص الكلام مصطلحات فرنسية علشان تحسسه بالفرق الثقافي اللي بقى بينهم وكل شوية تكلمه عن لبسها الغالي وحياتها في فرنسا والحاجات اللي موجودة هناك ومش موجودة في مصر علشان تخليه يحس بالنقص قدامها وأنه أقل منها وما أكتفتش بكده دي بقت تعايره بشكله وطوله كمان وتقارنه بشباب أوروبا اللي أطول منه وبشرتهم بيضا وشكلهم أجمل منه علشان تضرب ثقته في مقتل وكرد فعل طبيعي بدأ يحاول يثبت نفسه قدامها علشان يعجبها وأنسب حاجة كان يقدر يستخدمها هي منصبه في الجيش واحدة واحدة بدأ يدلدق بالكلام عن أسرار حربية يعرفها وعلشان يثبت لها قد أيه هو مهم في الجيش المصري وهنا حست هبة أن الفار وقع في المصيدة خلاص وقررت أنها تنتقل للمرحلة اللي بعديها وفي لحظة غير متوقعة بالمرة طلبت هبة من فاروق أنهم يتقابلوا لوحدهم في شقته اللي في المعادي وطبعا فاروق من صدمة الطلب ما أترددش ولا لحظة ولا حتى دورها في دماغه ووافق على طول وهناك فضلت هبة تلعب بمشاعره وتوقعه في الكلام علشان يحكي لها أكتر عن معلومات سرية وفعلا قال لها على أسماء زمايله الزباط و توزيعات الحرس ودوريات الحدود
ولما كانت بتعمل نفسها مش مصدقاه كان بيجيب لها خرايط علشان يثبت صدق كلامه لدرجة أنها في مرة طلبت منه خريطة صواريخ الدفاع الجوي واللي من غير تفكير جابها لها على طول وبعد ما اتأكدت أنه خلاص بقى ضعيف تماما ومستعد يعمل أي حاجة علشانها صارحته بكل
وعرضت عليه أنه يكون شريكها في وقف الحرب في المنطقة مقابل الجنسية الفرنسية وفلوس ما لهاش أول من أخر ومش بس كده هيروح هو وهي فرنسا ويعيشوا هناك في تبات ونبات وللأسف وافق فاروق
و موافقة فاروق للعرض كانت اللحظة اللي اتحول فيها رسميا من زابط في الجيش المصري لعميل للموساد الأسرائيلي
وقدرا في نفس الفترة دي جات له ترقية مهمة وبقى مدير مكتب قائد سلاح الصاعقة المصرية وهو العميد نبيل شكري المنصب ده خلاه بقى يطلع على معلومات أخطر وأهم بكتير من اللي كان بيطلع عليها قبل كده وللأسف ما فيش معلومة واحدة وقعت تحت أيده ألا وسربها بداية من مهام العساكر ومواقعهم لأنواع الأسلحة اللي مصر بتمتلكها أو بتتعاقد عليها وحتى الخطط العسكرية اللي لسة بتتحضر ومن كتر ما كان شغال بذمة وأخلاص لصالح الموساد
هبة ما بقاش فيه لزوم أنها تفضل في مصر وقررت مرة تانية أنها ترجع فرنسا وقبل ما تسافر أديته جهاز الأرسال والأستقبال علشان يبعت لها التقارير أول وفعلا بقى يتواصل معها بأستمرار ويبعت لها معلومات في غاية الخطورة سرب خرايط ومواقع القواعد الجوية الممرات الرادارات والأهم من كل ده مواقع منصات صواريخ سام ستة المضادة للطائرات وفي كل مرة فاروق كان بيبعت معلومة مهمة هبة مكانتها عند الموساد كانت بتترفع بقى معها فلوس ما لهاش حصر وسابت بيت صاحب أبوها وأخدت شقة خاصة في باريس وفتحت بوتيك في أفخم شوارع باريس ده غير الزيارة اللي تم تنظيمها علشان تروح لأسرائيل في طيارة خاصة حراس شخصيين وممر شرفي وكأنها رئيس الدولة وقابلت رئيسة الوزراء وقتها جولدا مائير واللي أول ما شافتها قالت لها أنت قدمت لأسرائيل خدمات ما فيش قائد أسرائيلي قدر يقدمها ومقابل خدماتك هتفضلي تحت حمايتنا أنت وأسرتك عمرك كله
المشكلة بقى أن الوقت اللي كان فاروق فيه بيخون بلده كانت مصر بتستعد على قدم وساق لحرب أكتوبر وجزء أساسي من الأستعدادات كان بناء حائط صواريخ دفاع جوي جديد من طراز سام ستة على طول الحدود مع أسرائيل وكان الهدف من حائط الصواريخ هو منع الطيران الأسرائيلي من أختراق المجال الجوي المصري سواء للأستطلاع أو للهجوم وفي نفس الوقت يأمنوا عبور القوات المصرية لقناة السويس لكن اللي حصل بقى كان كارثة بكل المقاييس كل ما كانت الصاعقة تخلص بناء قاعدة جديدة للصواريخ وقبل حتى ما الخرسانة تجف كان الطيران الأسرائيلي بيطلع ويقصف القاعدة ويدمرها بمنتهى الدقة والموضوع حصل أكتر من مرة ومصر خسرت في العمليات دي أرواح جنود كتير ونخبة من أفضل المتخصصين ده غير طبعا الجهد والوقت والفلوس اللي راحوا في الأرض ووقتها القيادات العسكرية والمخابرات المصرية أدركوا فورا أن اللي بيحصل ده مش صدفة أبدا أكيد فيه جاسوس في الداخل المصري وأكيد كمان أنه صاحب رتبة عالية جوه الجيش لأن القواعد الجديدة اللي كانت بتتبني كانت في سرية تامة ومن هنا بدأت المخابرات الحربية والمخابرات العامة مهمتهم في البحث عن الجاسوس اللي بيمثل أكبر خطر على أمن مصر أول خطوة عملتها المخابرات الحربية أنها بدأت تطلع قرارات وخطط يعني يجهزوا خطتين مختلفين في نفس الوقت كل خطة يدوها لمجموعة صغيرة من الزباط ويفضلوا يراقبوا من بعيد أيه اللي هيحصل وفي كل مرة كانت خطة من الخطط دي تتسرب والعدو بيكون خارج وعارف هو هيعمل أيه بالزبط كانوا بيقربوا أكتر من الجاسوس اللي بيعت المعلومات وبعد مراقبة أستمرت تلات شهور كاملين اتأكدت المخابرات أن الخاين هو زابط في سلاح الصاعقة نفسه الوحدة المسؤولة عن بناء القواعد
ومن اللحظة دي وعليه كل زباط الصاعقة بلا أستثناء اتحطوا تحت الرقابة المشددة كل تحركاتهم أتصالاتهم حياتهم الشخصية بقت تحت عنين المخابرات وواحدة واحدة عملية البحث بدأت تضيق لحد ما الشكوك كلها اتركزت حوالين فرقة الصواريخ التابعة لقوات الصاعقة وبدأت المخابرات تفحص كل حاجة بتحصل في الفرقة حتى الرسايل اللي بيبعتوها لأهاليهم أو أهاليهم بيبعتوها لهم وفي سنة الف تسعمية اتنين وسبعين ومن بين مئات الرسايل اللي بتعدي عليهم كل يوم لفت نظرهم رسالة بعينها رسالة غرامية باعتها زابط مصري لبنت مصرية عايشة في باريس وبيقول لها في أخر الرسالة أخيرا ركبت أريل الراديو وأشتغل عندي في البيت الجملة لفتت أنتباه المسؤول عن تفتيش الرسايل في الوقت ده التليفزيون كان أنتشر في بيوت المصريين فأيه اللي يخلي زابط في الجيش حالته المادية كويسة? يبقى متحمس أنه ركب الأريال بتاع الراديو لدرجة أنه يكتب ده لحبيبته في جواب
المخابرات بعد ما بدأوا يحققوا ورا الجواب ده أكتشفوا أن اللي كاتبه هو المقدم مهندس فاروق عبدالحميد الفقي مدير مكتب قائد سلاح الصاعقة الجهاز اللي المخابرات من الأول حددت ان الجاسوس لابد انه منه
والأريال المشبوه ده كان هو طرف الخيط اللي هيحلوا به القضية اللوا فؤاد نصار مدير المخابرات الحربية بلغ الفريق أول أحمد اسماعيل وزير الدفاع وقتها واللي بدوره رفع الموضوع للرئيس السادات وكل ده تم في سرية تامة علشان فاروق ما يحسش بحاجة وأستغله أنه ما كانش موجود في القاهرة في الوقت ده وتم استدعاء العميد نبيل شكري القائد المباشر على فاروق واتحاكى له كل حاجة بس نبيل لما سمع الخبر أتصدم ورفض يصدق اللي بيتقال قال لهم أزاي? فاروق بقى له تسع سنين ما شفناش منه حاجة وحشة ، زابط على درجة عالية من الكفاءة والوطنية بل أنه واحد من الزباط القليلين اللي كانوا هيعرفوا ساعة الصفر لحرب أكتوبر ومن كتر ما كان واثق فيه قال لهم أنتم ممكن تشكوا في أنا شخصيا بس ما تشكوش في فاروق وبكده ما بقاش قدامهم غير أن يواجهوا فاروق نفسه بالأتهام واللي أول ما رجع القاهرة تم أستدعاؤه بحجة أن في أجتماع عاجل للعمليات العسكرية لكن بمجرد ما دخل أوضة الأجتماعات لقى نفسه في قبضة المخابرات الحربية وبدأوا التحقيق والحقيقة فاروق ما خدش في أيديهم غلوة وأنهار وأعترف بكل حاجة بالتفصيل من أول تجنيده عن طريق هبة سليم لحد كل معلومة سربها وبعد التحقيق راحوا فتشوا شقته وفعلا لقوا جهاز الأرسال اللاسلكي والشفرات والحبر السري اللي كان بيستعمله ده غير الخرايط العسكرية الخطيرة اللي كانت عنده في البيت وبالرغم من القبض عليه وتحويله للمحاكمة العسكرية إلا أن المخابرات أخفت خبر القبض عليه وبعتوا رسالة لهبة بشكل طبيعي علشان ما تشكش في حاجة وبدأوا يجهزوا لعملية أستخباراتية علشان يوقعوها هي كمان في المصيدة
السادات لما وصلته المعلومات اللي أعترف بها فاروق قال لمدير المخابرات بالحرف أنا منحتك صلاحيات رئيس الجمهورية تسافر وترجع بالبنت حية أو ميتة وإلا ما لكش عندي غير طلقة رصاص ومهمة زي دي ما كانتش سهلة أبدا هبة كانت في باريس في قلب أوروبا محمية من جهاز الموساد اللي بيعتبرها كنز أستراتيجي وهنا كان لازم اللي يقوم بالعملية حد على أعلى مستوى وفعلا تم تكليف الزابط رفعت جبريل الملقب باسم التعلب واللي بدأ يدرس ملف هبة سليم بالكامل ويحلل شخصيتها ويدور على أي نقطة ضعف ممكن يدخل منها وبعد دراسة عميقة أكتشف أن بالرغم من أن علاقة هبة بأمها وأخوها متوترة ومليانة مشاكل إلا أن علاقتها بأبوها مختلفة تماما أبوها كان هو نقطة الضعف المناسبة
بس كانت هناك مشكلة في الأب نفسه عبدالرحمن سليم كان راجل كل اللي يهمه في الدنيا الفلوس والنفوذ ولو عرف الحقيقة مستحيل يسلم بنته للمخابرات وهو عارف أن مصيرها هيكون الأعدام ومن هنا بدأ التعلب يحط خطة يستغل بها حب هبة لأبوها وفي نفس الوقت يخدع أبوها نفسه ولأن عبدالرحمن وقتها كان عايش في ليبيا فتم التنسيق ما بين الأدارة المصرية والأدارة الليبية وأيام وبدأت المخابرات المصرية والليبية يجهزوا لتنفيذ واحدة من أذكى عمليات الأستدراج في تاريخ المخابرات الخطوة الأولى كانت أن السفير المصري فخري عثمان يروح يقابل عبدالرحمن سليم اللي كان وقتها شغال في طرابلس وطبعا السفير ما قلوش أن بنتك جاسوسة وبتخون البلد لأ ضحك عليه وقال له أنها متورطة مع جماعة فدائية في فرنسا وأنهم بيخططوا عملية خطف طيارة والسلطات الفرنسية على وشك أنها تقبض عليها وقدم له الموضوع على أنهم بيحاولوا ينقذوها ويهربوها من فرنسا علشان يحموها ويحموا أسم مصر من الفضيحة وفعلا عبدالرحمن لما سمع الكلام قال له أنه مستعد يعمل أي حاجة المهم تبقى هى في أمان
وقتها السفير أستغل قلقه وقال له أحنا مضطرين نضحك عليها علشان تنزل من فرنسا والخطة اللي حطيناها أنك تدخل المستشفى وكأن عندك ذبحة صدرية خطيرة وهتكلمها وتقول لها أنك بتموت ودي أيامك الأخيرة وأمنيتك أنك تشوفها قبل ما تموت ولو أقترحت عليك أنك تروح تتعالج في فرنسا قل لها أن حالتك ما تسمحش بالسفر وفعلا تم تنفيذ الدور بحذافيره
ولأن المخابرات كانوا عارفين أن الموساد هيدوروا وراهم دخلوا عبدالرحمن مستشفى في طرابلس فعلا وزوروا كل التقارير الطبية والفحوصات يثبتوا أنه فعلا في خطر وخلوه يكلم هبة واللي أول ما عرفت قررت تنزل لكن الموساد منعوها وزي ما المخابرات المصرية توقعوا بعتوا ناس على ليبيا علشان يتأكدوا من صحة الخبر واللي لما حاولوا يدخلوا علشان يشوفوا عبدالرحمن تم منعهم من الأطباء بحجة أن حالته حرجة وهنا الموساد اتأكدوا أن عبدالرحمن فعلا وبيموت
بعد محاولات كتير من هبة مع الموساد وافقوا في النهاية أنها تسافر لليبيا علشان تشوف أبوها لكنهم مع ذلك كانوا لسة شاكين وادوها خطة مضادة علشان لو حصل حاجة وقالوا لها أول ما طيارتك تنزل في مطار طرابلس اصرخي بأعلى صوت وقولي أن الخاتم الغالي بتاعك اللي تمنه ملايين اتسرق منك وبكده الشرطة الليبية هتتدخل فلو فيه كمين مصري مستنيكي هيفشل في القبض عليك وفعلا وصلت طيارة هبة لمطار طرابلس بالزبط زي ما قالوا لها لكن اللي ما كانتش تعرفه أن المخابرات المصرية والليبية طابخينها سوا وكان في أستقبالها السفير فخري عثمان بنفسه واللي بكل هدوء أحتوى الموقف وخدها على صالة كبار الزوار علشان يشوف موضوع الخاتم الجلسة كانت ودي جدا وهبة حست أن الأمور طبيعية وما فيش أي حاجة تخوف لدرجة أنها أستخدمت تليفون المطار واتصلت بعميل الموساد في باريس وطمنته وقالت له أن السفير استقبلني وكله تمام وبعد شوية قال لها السفير يلا بنا علشان نروح نزور أبوك وبدل ما يخرجوا من بوابة المطار رجع بها مرة تانية لأرض المطار وهناك شافت هبة طيارة مصر للطيران واقفة ومطفية الأنوار وعند سلم الطيارة واقف ضباط مصريين بدأت هبة تتوتر وتسألهم أنتم موديني على فين وأبويا فين وأول ما ركبوها الطيارة وبدأت تصرخ وتهلفط بكلام غريب وما سكتتش غير لما الزابط رفعت جبريل قام من مكانه وضربها بالقلم على وشها خلاها تفضل ساكتة لحد ما وصلوا القاهرة والخبر وصل للموساد الصدمة كانت كبيرة بالنسبة لهم لدرجة أن الزابط أدمون اللي كان مسؤول عن تجنيدها تاني يوم قتل نفسه في مكتبه في باريس
بعد القبض على هبة سليم اتقدمت هي وشاركها فاروق الفقي للمحاكمة وباعترافاتهم الكاملة صدر الحكم بالأعدام شنقا لهبة والأعدام رميا بالرصاص لفاروق الفقي ولحين تنفيذ الحكم اتحطت في زنزانة أنفرادية في سجن القناطر لكن الغريب بقى أنها ما كانتش خايفة بالعكس كان عندها يقين أن الموساد مش هيسيبوها وان خروجها مجرد مسألة وقت وكان كل ما حد يدخل لها الحبس يلاقوها بتتزين وتقول لهم أنا مش هخرج من هنا على حبل المشنقة أنا هخرج على المطار
في الوقت ده رئيسة وزراء الكيان الصهيوني جولدامائير كان عندها أمل أنها تقدر ترجع هبة وأضطرت أنها تلجأ لامريكا وطلبت من وزير الخارجية هنري كاسنجر أنه يتدخل بنفسه ويتوسط لهم عند السادات وفعلا في يوم ستاشر سبتمبر الف تسعمية أربعة وسبعين هنري كاسنجر قابل السادات في أسوان وفي نهاية اللقاء طلب منه بشكل ودي العفو عن هبة لكن السادات رد وقال له هبة اتعدمت خلاص في الوقت اللي هبة كانت فيه لسه عايشة ولما سألوه كاسنجر أتعدمت أمتى?
قال له النهاردة ومجرد ما المقابلة أنتهت همس السادات في ودن النائب وأمر بتنفيذ حكم الاعدام فورا الأمر اللي صدر من السادات ما كانش ينفع يتأخر علشان ما حدش يعرف أن هبة لسه عايشة بس المشكلة أن سجن القناطر اللي هبة كانت محبوسة فيه ما كانش فيه غرفة أعدام للنساء وكان لازم يتم ترحيلها لسجن الأستئناف في القاهرة واللي بيبعد عن سجن القناطر حوالي أربعين كيلو متر وعلشان يتأكدوا أن الأجراءات هتم في سرية تامة وما يحصلش قلق في النص المأمور استدعاها لمكتبه وقال لها الألتماس بتاعك أتقبل وهيتم ترحيلك للقاهرة وهنا هبة طارت من الفرحة وقالت لهم أنا كنت متأكدة أنهم مش هيتخلوا عني وفعلا راحت وركبت عربية الترحيلات وهي في منتهى السعادة بس أول ما العربية دخلت سجن الأستئناف وشافت بعينيها لجنة تنفيذ الأعدام مستنياها دخلت في حالة انهيار وبدأت تصرخ لحد ما تم جرها لغرفة الأعدام وبعد ما قروا عليها ملخص الحكم حاولوا بكل الطرق أنهم يلقنوها الشهادة لكنها كانت في عالم تاني ورفضت النطق وبعد ساعات قليلة تم تنفيذ حكم الأعدام في فاروق الفقي رميا بالرصاص