سيدنا نوح عاش تسعمية وخمسين سنة يدعو الناس لعبادة الله دون الأصنام
بس إزاي اصلآ الناس عبدت الأصنام? الحقيقة دي حكاية طويلة جدا
بس احكيها لك عشان تقدر تفهم التطور اللي حصل للبشرية
في الأول كان البشر عايشين بيعبدوا الله تعالى وحده لا شريك له
الإختلاف كان بيكون في جودة النفس ذاتها
من العصيان للاوامر الإلهية والامتناع عن الفواحش
وقدرة الإنسان على مقاومة شهواته لأخره
لكن ما كانش مطروح فكرة ان في آله تاني غير الله سبحانه وتعالى
ده كان شيء مفروغ منه
ولكن الشيطان قدر بخبثه ودهاؤه أنه ينتصر بشره على حقيقة مطلقة وثابتة وراسخة زي دي
ما فيش لها أي طريقة لتغييرها
والموضوع بدأ من نقطة غير متوقعة على الإطلاق
وسط الناس دي كان في بعض الأشخاص ظاهرين جدا في العبادة لله تعالى واسماهم كانت واد، يغوث، يعوق ،سواع ،ونسر
وكانت الناس منبهرة بهم وبحكمتهم وطاعتهم الشديدة لله تعالى
لما ماتوا ومن حب الناس فيهم بدأت يعملو تماثيل وتظهر مجسمات لهم منحوتة في البيوت
والنوادي اللي بيقعد فيها الناس تيمنا بيهم وبذكراهم سنين ولأن سيرتهم كانت مباركة وسط الناس تحول الناس أنهم يطلبوا طلباتهم من الأصنام دي اللي كانت على صورة الأشخاص الصالحين دول بحجة استحضار روحهم التقية لمباركة دعواهم ومع مرور السنين والزمن يطول تحول الناس لعبادة الأصنام دي دون عن الله عز وجل
وكان سبب ذلك ما رواه البخاري من حديث إبن جريج عن عطاء عن إبن عباس عند تفسير قوله تعالى
وقالوا لا تذرن الهتكم ولا تذر ولا يغوث ويعوق ونسرا
أول أرض عبدت فيها الأصنام دي هي الأرض اللي عاش فيها ود
والحكاية هناك أخدت مجرى شيطاني جدا
فلما مات شاف إبليس مدى جزع وحزن أهله وناسه على فقدانه فتجسد في صورة رجل وطل عليهم وقال لهم أني أرى جزعكم على هذا الرجل فهل لكم إن أصور لكم مثله فيكون في ناديكم فتذكرونه به تخليدا لذكراه فقالوا نعم
فصور لهم تمثالا يشبه ود تماما ووضعه في ناديهم
فبتهج الأهل بشدة وفضلوا يزوروه
ولما شاف مدى سعادتهم فقال لهم هل إجعل لكم في منزل كل واحد منكم تمثالا مثله ليكون له في بيته فاذكروه فقالوا
نعم
فعمل لكل بيت صنم وقدمه لهم
وبكده أول صنم كان على الأرض هو لود
والكلام ده بحسب كتاب الأصنام لكاتبه هشام الكلبي اللي كتبه سنة ٢٠٤هجرية
مستندا على روايات أهل العلم والصحابة والسنة النبوية
بعد كم سنة وفي بابل عبادة الأصنام كانت منتشرة بشدة لكن كان لسة في ناس متمسكة ورافضة بعبادتها وبتعبد الله تعالى مش كتير كانوا بس كان منتشر وسط الصالحين نبوءة بقالها فترة طويلة عن طوفان عظيم هيضرب الأرض ويبتلع ألأصنام لكن مع استمرارية النبوءة وعدم حدوثها على وجه الأرض بدأ الموضوع يتحول لسخرية وسط الناس والسبب أنهم كانوا شافوا أنها من خرافات الأولين وأن الإلهية واللي هي الأصنام راضية عنهم وهم بيقدموا لها القرابين عمال على بطال وما فيش مشكلة
المهم برضو كان مع نبوءة الطوفان إن هيكون في شخص صالح هينقذ البشرية من الطوفان ده
وأن الشخص ده لأزم الناس تتبعه
وكان في واحد من المؤمنين في بابل كان أسمه ميتو شيلاخ
وكان مؤمن جدا بما أمن به الأجداد
ونبوءة الطوفان العظيم اللي هيجتاح الأرض ومن بعده تفنى البشرية وتعيش الأرض ومولعا بالفكرة والنبوءة بدأ يلقنها الأولاد واحفاده
وحكايات اجداده إدريس وغيره عن الطوفان كانت ملهمة لاحفاده وأولاده
على الرغم من أن كل اللي حواليهم كانوا شايفينها مجرد سخف بين لكنه كان مؤمن جدا بربنا عز وجل
ومؤمن بتعاليم اجداده وما كانش همه سخط الناس ضد أفكاره ومعتقداته
السخط اللي حط متشولح وكل الصالحين ضد الكافرين عابدين الأصنام دايما على خط النار ضد بعض
فاشتدت العتمة واشتدت الظلمة ظلمات
لحد أما ظهر من وسط العتمة نور
حفيد ميتشولح نوح عليه السلام فتقول الآية (الا تعبدون الا الله فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك الا بشرا
ما ن الا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك الا الذين هم اراذلنا بادي الرأي
وما نرى لكم علينا من فضل)
، و كلمة نوح تعني بالعربية كثير النواح أي البكاء
والاسم للموصوف يعني الحزين
ويقال أن أباه سماه بهذا الإسم لمعلومية أن نوح عليه السلام هو المخلص الذي ستقع على عاتقه إنقاذ البشرية
وهو نوح برنامج بن ميتوش ولاخ بن خلوخ وهو إدريس
بن يارد بن مهلائيل بن قنان بن انوش بن شيف بن أدم أبى البشر عليه السلام
واختلفت الأقوال جدا في عدد السنين من وقت سيدنا أدم حتى نوح ولكن يستند كتير من العلماء أن ما بينهم بضع قرون وفي صحيح البخاري عن إبن عباس كان بن أدم ونوح عشرة قرون في البداية نشأ نوح عليه السلام في كنف ميتوشلاخ جدو الأكبر واللي علمه كل شيء عن الله عز وجل ووحدانيته وإزاي الكون ده كله وبكل ذرة صغيرة فيه لربنا وحده تعالى هو اللي خلقها من العدم
فنشأ سيدنا نوح عليه السلام وترعرع
وهو متأكد يقينا بأن الأيمان هو الحل الوحيد للنجاة من الطوفان
وبدأ يدعو أهل بابل للتوحيد ولكنهم كانوا بيسخروا منه بشدة
لدرجة إنهم كانوا بيوصفوه عليه السلام بالمجنون
ويأمروا أولادهم بأنهم يحدفوه بالحجارة ويطردوه من مجالسهم ونواديهم
وكان منبوذا وسط الكافرين حتى حضوره
ولكن فضل سيدنا نوح يحاول معهم ويقنعهم بالمنطق والعقل عن وحدانية الله
ولكنهم كانوا بيزدادوا سخطا وسخرية
سخريتهم منه كانت بتكون قدام أولاده ولك ان تتخيل مدى الأذى النفسي اللي كان بيتحصل عليه سيدنا نوح مقابل دعواه دي
فيقول المولى(* لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قومي أعيدوا الله ما لكم
لكم من آله غيره
أني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم
قال الملأ من قومه
أنا لنراك في ضلال مبين)
، وتمر سنين وتجر سنين وما فيش طوفان
وما فيش نبوءة
وسيدنا نوح مجمل دعواته لقومه كانت بحسب القرآن الكريم امتدت لتسعمية وخمسين سنة
قضاها في دعوة الناس لعبادة الله وتحذيرهم من غضبه على الكافرين منهم
ولكن لا حياة لمن تنادي
لدرجة إن الراجل من دول لما كانت تحضره الوفاة كان يجيب أهل بيته ويوصيهم بأنهم لا يتبعوا كلام نوح عليه السلام
وأنهم يفضلوا يسخروا منه
فعانى سيدنا نوح من الأمرين لحد ما أوحى الله تعالى إليه بأن الطوفان اقترب
وأن دوره دلوقتي أنه يبني فلكا ينقذ به البشر من الغرق
فاطاع نوح أمر ربه تعالى
وراح في المكان اللي أوحى الله له به وبدأ يبني الفلك في الصحراء
وطبعا زادت السخرية
فعاملوه قومه كأنه مجنون بخرافة قديمة واستمرت السخرية أكتر
وبدأت الناس تسأله باستهزاء
مش أنت كنت نبي من عند الله يا نوح? مش أنت المخلص من الطوفان? أنت كمان نجار
ولكن صمد وثبت سيدنا نوح قصاد الايذاء والسخرية
وكمل أمر الله تعالى يقينا
و أن كل العلم عند الخالق ولكن ذكر في سفر الأولين إن سفينة نوح كانت طولها ١٢٠٠ذراع وعرضها ٦٠٠ ذراع
وكانت تلات طبقات
فطبقة فيها الدواب وطبقة فيها الأنس وطبقة فيها الطير
عايزك تتخيل معي دلوقتي سريعا كده
سيدنا نوح وحيد في العالم الواسع مؤمنا بنبوءة الطوفان العظيم واتاه وحي من الله سبحانه وتعالى أنه يشرع في بناء الفلك
في مكان بعيد كل البعد عن المياه ويقال أن بناء الفلك بالابعاد المحددة ولضخامته أستمر في بناؤه لمدة ١٠٠ عام
يعني ١٠٠ سنة وهو بيسمع الإهانات والاستهزاء بأفكار والأمل اللي جواه
وأنتهى أخيرا من بناء الفلك
فأمر الله أن يحمل من كل زوجين إثنين من كل كائن حي في الأرض
سيدنا نوح عليه السلام كان له أربعة أولاد هم
سام وحام ويافث وكنعان
والمهم لما بدأت التعبئة للفلك وكان الكل في انتظار الإشارة عشان يتم إغلاق باب الفلك على الركاب وكانت آخر فرصة للبشر للتصديق كانت هي اللحظات اللي سبقت التنور(النار) في العالي الأمطار بتنزل كل يوم في فترة الشتاء وممكن بأي لحظة عاصفة تكون بداية الطوفان الكبيرة
لكن العلامة هي اللي كانت هتحدد بداية الطوفان بالظبط
المهم بقى ركز معي
سيدنا نوح عليه السلام كان عارف ان علامة بدء الطوفان هي خروج الماء من التنور
المقصود النار وتحديدا ما يشبه الفرن اتحققت العلامة فبدأت الأمطار بالهطول دون توقف
في اللحظة اللي قفل فيها سيدنا نوح الفلك
كان إبن سيدنا نوح الرابع كنعان رفض أنه يكون جوه
فكان شايف أنها عاصفة عابرة وما كانش مؤمن بفكرة الطوفان
وضيف على كده أنه زوجته راحت مع إبنها الرابع ورفضت تصعد الفلك ولك أن تتخيل نظرات سيدنا نوح لابنه وهو بيعاني من أمرين
أولا أن إبنه كان كافر مأمنش بدعوة أبوه وهو أقرب الناس له
فده شعور بالخذلان قاسي جدا
أضافة لأنه إبنه وأكيد عايز يحميه
لكن كنعان ما كانش بس عاصي لأبيه لأ كمان عاصي لرب العالمين
وظل سيدنا نوح بيحاول أنه ينقذ إبنه بس بلا فايدة
واخيرا انفجرت السماء
أمطار تهطل بشدة وسيدنا نوح بيحاول يقنعه بالعدول عن أفكاره
ولكنه استهزأ بشكل وقال له أنه هيقعد على قمة جبل لحد ما ينتهي الطوفان فينجو
فودعه سيدنا نوح وهو عارف أنه مش هيشوفه تاني
وأستمرت الأمطار لأيام طويلة دون توقف
ويقال استمرت ١٥٠ يوم ويقال أقل ويقال أكثر
فذكر في القرآن
قال( اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها
ان ربي لغفور رحيم
وهي تجري بهم في موج كالجبال
ونادى نوح إبنه وكان في معزله يا بني
يا بني أركب معنا ولا تكن مع الكافرين
قال سآوي
الجبل يعصمني من الماء
قال لا عاصم اليوم من امر الله الا من رحم
وحال بينهما الموج فكان من المغرقين)
لكن المياه عمت الارض وما كانش فيه أي منفذ لإنقاذ
تخيل لما تقعد كل ده دون أكل وشرب لأيام طويلة جدا وما فيش يابسة نهائي
وكان سقوط المياه من السماء بشكل رأسي
و سقوطها بشكل رأسي بيعني أنها بتزيد في العلو كل دقيقة
يعني صعب جدا تحافظ على وجودك على سطحها
لأزم هتغرق بعد ساعات بسيطة
فنجى بس هم اللي كانوا في سفينة سيدنا نوح المؤمنين اللي صدقوه و آمنوا به وبوحدانية الله
كأن الطوفان لهم بداية لعالم جديد
ونهاية لعالم ساد فيه الكفر
وبعد فترة من الأبحار أرسل سيدنا نوح غراب من على الفلك عشان يطير ويستطلع لو في يابسة قريبة
وبالفعل طار الغراب بس ما رجعش
فأرسل سيدنا نوح حمامة فرجعت له بغصن زيتون بمنقارها وطين برجلها
فعرف نوح أن اليابسة ظهرت مرة تانية
فتقول آية الكريمة( قيل يا نوح أهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم معك سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم)
ومن اللحظة دي بدأ عالم جديد
ومن هنا كانت الحمامة بغصن الزيتون رمزا للسلام
سلام على نوح في العالمين