في مكة المكرمة، وقبل أن يشرق نور الإسلام على العالمين، وُلد طفلٌ لأشرف بيوت قريش، بيت بني هاشم. كان هذا الطفل هو حمزة بن عبد المطلب، عم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأخوه من الرضاعة.
نشأته وشبابه:
تربى حمزة في كنف أبيه عبد المطلب، سيد قريش، الذي كان يحبه حبًا جمًا. كان حمزة يتمتع بقوة وشجاعة فائقة، وكان فارسًا مغوارًا لا يشق له غبار. كان محبًا للهو والصيد، يقضي أيامه في البراري والصحاري، يطارد الأسود والضباع، ولا يعود إلا ومعه صيد ثمين.
تفكيره في الإسلام:
كان حمزة رضي الله عنه يرى ما يحدث في مكة من صراع بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش. كان يرى إصرار النبي صلى الله عليه وسلم على دعوته، وثباته في مواجهة الأذى والاضطهاد. كان يرى أيضًا ما يحدث للمسلمين من تعذيب وتنكيل، وكان يتألم لما يراه.
كان حمزة يتساءل في نفسه: هل محمد على حق؟ هل هذا الدين الجديد هو الحق الذي يجب أن يتبعه الناس؟ كان يشعر بشيء يجذبه إلى هذا الدين، ولكنه كان يخشى عادات وتقاليد قومه.
إسلامه:
ذات يوم، بينما كان حمزة عائدًا من رحلة صيد، سمع بأبي جهل وهو يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم. غضب حمزة غضبًا شديدًا، وتوجه إلى المسجد الحرام، حيث كان أبو جهل جالسًا بين أصحابه، فضربه بقوسه على رأسه، وقال له: "أتسب ابن أخي وأنا على دينه؟"
لم يكن حمزة قد أسلم بعد، ولكنه كان يحب ابن أخيه حبًا شديدًا، ولم يرضَ أن يتعرض للأذى. وبعد هذا الموقف، شرح الله صدر حمزة للإسلام، فدخل فيه عن قناعة وإيمان، وأعلن إسلامه على الملأ، ولم يخشَ أحدًا من صناديد قريش.
مناقبه وفضائله:
كان إسلام حمزة قوة للمسلمين، ومنعة لهم. كان حمزة رضي الله عنه من السابقين إلى الإسلام، ومن أشد الناس إيمانًا بالله ورسوله، ومن أكثرهم نصرةً للإسلام والمسلمين. وقد شهد حمزة جميع غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، وكان في مقدمة الجيش في كل معركة، يقاتل بشجاعة وبسالة، ويقتل أعداء الله.
أهم غزواته:
* غزوة بدر: كان حمزة رضي الله عنه بطلًا من أبطال هذه المعركة، وقد قتل عددًا من صناديد المشركين، وكان له دور كبير في انتصار المسلمين.
* غزوة أحد: استشهد حمزة رضي الله عنه في هذه المعركة، بعد أن قتله وحشي بن حرب، وكان لموته فاجعة كبيرة على المسلمين.
استشهاده:
استشهد حمزة رضي الله عنه في غزوة أحد، وكان عمره 59 عامًا. وقد حزن النبي صلى الله عليه وسلم حزنًا شديدًا على استشهاده، وسماه "سيد الشهداء".
مكانته في الإسلام:
كان حمزة رضي الله عنه من أعظم الصحابة مكانةً في الإسلام، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم "أسد الله وأسد رسوله"، وكان يقول عنه: "خير أعمامي حمزة". وقد ترك حمزة رضي الله عنه إرثًا عظيمًا من الشجاعة والإيمان، وكان قدوةً حسنةً للمسلمين في كل زمان ومكان.
قصة إسلامه كما وردت في كتاب "سير أعلام النبلاء":
عن ابن إسحاق: أن حمزة كان يحب اللهو والصيد، فخرج ذات يوم كعادته ومعه قوسه، فمر في طريقه بدار الأرقم، فرأى أبا جهل يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم، فضربه على رأسه فشجه، ثم أسلم في الحال، وذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بإسلامه، ففرح النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فرحًا شديدًا.
قال ابن الأثير:
كان إسلام حمزة في السنة السادسة من النبوة، وقيل: قبل ذلك، وكان سبب إسلامه كما ذكر ابن إسحاق، وقيل: إنه كان في مجلس، فسمع أبا جهل يسب النبي صلى الله عليه وسلم، فغضب لذلك، وذهب إليه فضربه، ثم أسلم.
قال ابن كثير:
إسلام حمزة كان بعد إسلام عمر، وقيل: قبله، والأصح أنه كان قبله، وكان إسلامه عزة ومنعة على المسلمين.
وقال الذهبي:
كان حمزة شجاعًا بطلاً، وكان من أشد الناس بأسًا، وكان له في الإسلام منزلة عظيمة، وهو عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأخوه من الرضاعة، وقد أسلم في السنة السادسة من البعثة، وقيل: قبل ذلك، والأصح أنه كان بعد إسلام عمر، وكان إسلامه عزة ومنعة على المسلمين.
وقال ابن حجر:
كان حمزة من السابقين إلى الإسلام، ومن أشد الناس إيمانًا بالله ورسوله، ومن أكثرهم نصرةً للإسلام والمسلمين، وقد شهد جميع غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، وكان في مقدمة الجيش في كل معركة، وقد أبلى بلاءً حسنًا في كل المواجهات، واستشهد في غزوة أحد، وكان عمره 59 عامًا.
إلى هنا تنتهي قصة سيدنا حمزة بن عبد المطلب كما جاءت في كتاب سير أعلام النبلاء، وهي قصة عظيمة مليئة بالعبر والدروس، وتُظهر لنا شجاعة هذا الصحابي الجليل وإيمانه العميق، وحبه الشديد لله ورسوله صلى الله عليه وسلم.