كان هناك تصريحات علمية أطلقها البروفيسور وعالم الجليد بيترنف عن القارة القطبية الجنوبية القارة الأكثر غموضا على الإطلاق
واللي محيطها جدار جليدي يصل حجمه إلى آلاف الكيلو مترات
جدار انتشرت فيديوهات ليه على وسائل التواصل الإجتماعي لأشخاص بيؤكدوا أنه أكبر دليل على أن الأرض مسطحة مش كروية
خاصة أن الفيديوهات ظهر فيها عناصر من الجيش البريطاني وهم متمركزين أمام الجدار الجليد السميك
وبدأت الناس تردد نفس الأفكار اللي تداولتها مقاطع الفيديو
زي إن الجدار موجود خلفه قوم من العمالقة ووحوش غريبة و إن هناك حضارة متقدمة
كانت على تواصل بالحضارة الفرعونية نتيجة وجود إهرامات وسط الجليد
وممنوع أي حد يزورها لأي سبب من الأسباب
وعشان كده القارة دي تحديدا كانت محط اطماع كتير من الدول اللي نفذت عمليات عسكرية بغرض الاستيلاء عليها
وهو ده كمان سر تواجد عناصر الجيش البريطاني والأمريكي اللي بيسعوا لتأمين القارة بعد إنتهاء الحرب العالمية التانية
ما فيش شك أنها قارة غامضة وما حدش قدر يسكن فيها بسبب الصقيع والبرودة الشديدة
فاصبحت قارة غير مأهولة بالبشر لكن يا ترى إيه حكاية قوم العمالقة? وليه ممنوع على أي حد يزورها?
في البداية لأزم تعرف إيه هي جغرافية القارة القطبية الجنوبية المعروفة بأسم انتاركتيكا قبل ما نتناول تاريخ النزاع السياسي عليها وحقيقة اللي بيحصل فيها حاليا
و عشان تفهم حقيقة الادعاءات والمعلومات اللي بيروجها مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي
فالقارة القطبية الجنوبية بتبلغ مساحتها ١٤ مليون كيلو متر مربع تقريبا
وبيتم تصنيفها كخامس أكبر قارة حول العالم
لكن معظمها مغطى بطبقة ثلجية من الجليد بمتوسط سمك يبلغ اتنين كيلو متر تقريبا
وبسبب تضاريسها وطبيعة مناخها القاسي اللي بتوصل متوسط درجة الحرارة فيه حوالي٤٠ درجة مئوية تحت الصفر
أصبحت قارة غير مأهولة سكان وعدد البشر اللي بيكونوا موجودين فيها هناك بيكون ما بين الف و٥٠٠ نسمة الى ٥٠٠٠ نسمة
وأغلبهم بيكونوا تابعين لجهات بحثية أو جنود وعساكر لحراسة القارة وحمايتها من أي هجمات بغرض الاستيلاء عليها واحتلالها طبعا أنت الآن بتسأل دلوقتي أيه الهدف من تأمين قارة بالمواصفات دي من الاحتلال؟ وهي أصلا غير صالحة للسكن تماما بس قبل ما أجاوبك لازم أقول لك كم نقطة مهمة في عام ٢٠١٨ ظهر فيديو على السوشيال ميديا مدته خمس دقائق تقريبا بيتكلم عن القارة الغامضة دي وخلال الفيديو كشف اليوتيوبر عن جدار جليدي عالي وأكد أنه موجود هناك وبيحيط بحافة الأرض وقال كمان أن الأرض مسطحة وأن الجدار ده بيحيط بها وده السبب في انتشار الجيش البريطاني هناك عشان تفضل الناس معتقدة أن الأرض كروية
وفي نهاية المقطع قال أن وراء الجدار ده حياة وحضارة متطورة
وأن الشعب اللي عايش هناك لا يمت للبني ادمين بأى صلة
بل قبائل من الوحوش اللي أجسامهم ضخمة وطولهم مبالغ فيه زي العمالقة
وكمان أكد أن الحضارة الفرعونية كان لها صلة بالشعوب الموجودة خلف الجدار ده
ومش بس كده
ده كمان بيعتقد أن هم اللي ساعدوا الإنسان المصري القديم في بناء اهرامات الجيزة بمصر
وأكد أن محظور على أي بني أدم زيارة القارة دي تحديدا
ولان الفيديو كان فيه كلام كتير
وبعد سنوات أنتشر فجأة على السوشيال ميديا بشكل هستيري
وناس كتير استخدموه كدليل على أن الأرض مسطحة
وأن الجدار الجليدي ده وراه حياة لشعوب متطورة قادرة على أنها تفتك بالبشر
وهناك اللي قالوا إن الجدار ده هو سد يأجوج ومأجوج
وأنه لو اتهد هيتقطع نسل البشر من الأرض
وظهرت نظريات مؤامرة كتير لا حصر لها
لكن خليني أقول لك أن وكالة الأنباء رويترز بالاستعانة بوكالة ناسا الفضائية وجميع الوكالات الفضائية التابعة للدول العظمى
زي روسيا والصين
اشتغلوا على نقطتين مهمين جدا
الأولى هي نشر صور بالقمر الصناعي للقارة القطبية الجنوبية
والتانية هي توضيح حقيقة الجدار الجليد الموجود بالفيديو
وبالمناسبة الجدار ده أسمه جورف روز الجليدي
موجود في القارة القطبية الجنوبية
وبيتم اعتباره أكبر جدار جليدي عالي على سطح الأرض
وده لأن مساحته بتصل الى ١ ٥٠ الف كيلو متر مربع تقريبا
وعرضه بيبلغ حوالي ٨٠٠ كيلو متر
أما سمكه فبيصل لمئات الأمتار
يعني إحنا بنتكلم عن جدار جليدي بحجم دولة فرنسا تقريبا
وسبب وجود الجيش البريطاني هناك هو تأمينه وحماية القارة من عمليات الاحتلال والهجوم من أي دولة
شف يا صديقي جدار جورف الموجود في قارة انتارك تيكاب يصل ارتفاعه من عشرين إلى خمسين متر تقريبا
وطوله بيبلغ ٦٠٠كيلو متر على أقل تقدير
لكن أغلبه موجود تحت سطح الماء
أو بمعنى أصح الجدار بيطفو على الماء
وتم اكتشافه عام ١٨٤٠ على أيدي بعثة بريطانية مكونة من تلت سفن
وكان بيقودها القائد الأمير لايت تابع للبحرية البريطانية جيمس كلار كروز
وكان الهدف من الرحلة هو أكتشاف القطب المغناطيسي الجنوبي زي ما قدر يحدد القطب المغناطيسي الشمالي قبل البعثة دي بعشر سنوات إلا إنه فوجئ بوجود الجدار أو الحاجز الجليدي ده أمامه
ففشل في الوصول إلى القطب المغناطيسي بسبب الجدار ده
وبعدها بسنوات وتحديدا عام١٩٠١ انطلقت بعثة تانية بقيادة العالم روبرت فالكونسكوت للبحث عن القطب المغناطيسي الجنوبي
وساعتها أكد أن سمك الجدار بيصل الى ٢٧٤متر تقريبا
وللأسف هو كمان فشل في عبوره لغاية عام ١٩٠٨
اللي انطلقت فيه حملة نمرود الاستكشافية لعبور الجدار بقيادة البروفيسور أيرن واللي كانت من أعظم بعثات استكشاف الجدار واللي مهدت الطريق لعالم قدر يوصل لنتائج أبعد في الكشف عن حقيقة الجدار
وهو رولد امنتسون اللي وصفت البعثة اللي شارك فيها سنة الف ١٩١١ الجدار بدقة
وقالوا أن علي تلال جليدية وكهوف وأنه عبارة عن كتلة جليد ضخمة بتطفو على الماء
فهم أول مجموعة من البشر توصل للنقطة دي وتعبر الجدار
قائد البعثة رولد امنتسون نشر في بحثه بعدها ورقة علمية بيقول فيها على طول حافته الخارجية يظهر الحاجز سطحا مستويا ولكن هنا داخل الخليج كانت الظروف مختلفة تماما
حتى من سطح السفينة تمكنا من ملاحظة اضطرابات كبيرة في السطح في كل اتجاه
الجدار يحتوي على تلال ضخمة مع تجاويف ممتدة بينها من جميع الجوانب
يقع الأرتفاع الأكبر في الجنوب على شكل سلسلة من التلال المرتفعة المقوسة
والتي اعتقدنا أنها تقع حولها
ولكن بعد مسيرة نصف ساعة وصلنا بالفعل الى أول نقطة مهمة
وهي العلاقة بين الجليد البحري والحاجز
لقد كانت هذه العلاقة تطارد ادمغتنا دائما
وكنا نسأل كيف سيكون شكلها
وفي النهاية قدر يعبر الجدار
ووضح لنا حقيقة الموجود خلفه وحقيقة القارة القطبية الجنوبية وعرفنا ساعتها أنها أرض يابسة شديدة الجفاف والرياح والبرودة
لكن الجليد بيغطي ٩٨%تقريبا من اليابسة دي
وبعد ما قام علماء الجيولوجيا والجيوفيزيائيين وعلماء الجليد وعلماء الأحياء بتخطيط جميع المناطق الجبلية فيه على مدار عشرات السنين واعتمدوا في ابحاثهم على التقنيات الجيوفيزيائية الأرضية زي المسوحات الزلزالية للصفائح الجليدية في القطب الجنوبي للكشف عن سلاسل الجبال والقمم المخفية بغرض معرفة ودراسة أدق تفاصيل القارة اتضح لنا كتير من المعلومات المهمة اللي كانت مغلوطة في اذهاننا
وعرفنا أن القارة منقسمة إلى جزئين
الأول بيقع جهة الشرق وهو عبارة عن هضبة عالية من الجليد السميك
والتاني موجود جهة الغرب وعبارة عن بحيرة جليدية بتغطي معظم الجزر بالجليد الأهم من كل ده أن العلماء والباحثين أكتشفوا معلومات خطيرة عن القارة دي
وهي أنها كانت عبارة عن غابة من المستنقعات معتدلة المناخ
ولكن الكلام ده كان أيام وجود الديناصورات على الأرض من أكتر من تسعين مليون سنة
وأكدوا كمان أن أيام العصر الطباشيري اللي إنتهى من حوالي سبعين مليون سنة تقريبا
كانت القارة دي شديدة الدفء ودرجة الحرارة فيها بتصل إلى ٢٧ درجة مئوية
وكانت عبارة عن غابة مليانة أشجار والأبحاث والأكتشافات دي تم نشرها في مجلة نيتشر العلمية وعلى مدار عشرات السنين تحولت القارة إلى مكان خاص بالإجراء التجارب والأبحاث العلمية كمحاولة من الباحثين لإكتشاف تاريخ القارة واكدوا أن وراء الجدار الجليد السميك عدد من البحار والمحيطات
وأنه جدار شديد الأهمية للحفاظ على درجة حرارة الكوكب وأمنه وسلامته
طب ازاي? أحب اقول لك يا صديقي أن الجدران الجليدية ضرورية للمناخ
لأنها بتمنع إرتفاع درجات حرارة المحيطات والبحار
ومنع حدوث ذوبان الجليد
وده لأن المحيط بيقدر يخزن حرارة أكتر من الغلاف الجوي بمراحل
على سبيل المثال أعماق البحار حول القارة القطبية الجنوبية بتخزن طاقة حرارية تعادل تسخين الهواء فوق القارة بمقدار ٤٠٠ درجة مئوية وعشان كده بيقوم الجدار بتقليل درجة الحرارة بغرض منع تعرض الجليد للذوبان
ودي حكمة الهية وإبداع من الخالق سبحانه وتعالى
لكن هل ده سر إنتشار الجيش البريطاني حول الجدار الجليدي بعد أنتهاء الحرب العالمية التانية وتحديدا عام ١٩٤٦ بدأت الولايات المتحدة في تنفيذ عمليات عسكرية للاستيلاء على القارة القطبية الجنوبية وكانت أول عملية عسكرية نفذها الجيش الأمريكي معروفة بأسم عملية الوثب العالي ودي كانت حملة عسكرية استكشافية مكونة من ١٣ سفينة وطائرتين وحاملي الطائرات وكان إجمالي الطائرات ٢٥ طائرة و٤٧٠٠ جندي وبغض النظر عن فكرة الاستيلاء والاحتلال وفرض السيطرة فالجيش الأمريكي وقتها كان محمل بمعدات عسكرية ومواد حابب يجرب استخدامها في درجات البرودة القاسية
ومش بس كده
ده كمان كان عايز يدرب الجنود على الحرب في الظروف المناخية الصعبة دي لو فكرت أي دولة تقرب ناحية القارة الجنوبية
لحد هنا الأمر كان طبيعي لكن بعد مرور سنتين بدأ الجيش الأرجنتيني ينفذ هو كمان عمليات عسكرية بغرض الاستيلاء على القارة ونهب مواردها
وكانت الحملة العسكرية مكونة من ٨ سفن واشتبكت مع الجيش البريطاني
فاضطرت الأرجنتين وبريطانيا وتشيلي أنهم يعقدوا معاهدة عشان يضمنوا أن ما فيش أي دولة من الدول التلاتة يخترقوا جنوب خط عرض ٦٠ نحو القارة الجنوبية بأي حملة عسكرية
وفضلت الاتفاقية سارية وبيتم تجديدها سنويا لغاية عام
١٩٦١ في الوقت ده كانت الولايات المتحدة قدمت إقتراح رسمي بأن القارة تفضل تحت وصاية الأمم المتحدة
وكان الغرض من الإقتراح ده أنها تكون قارة متاحة لجميع الدول
بغرض تنفيذ الحملات الاستكشافية العلمية
ألا إن الأرجنتين وأستراليا وتشيلي وفرنسا رفضوا الفكرة دي وحاولوا يتمسكوا على أحقيتهم في الإستيلاء على القارة وجميع مواردها
لكن بعد سنوات إضطرت الدول كلها أنها توافق على الفكرة دي
لكن بشرط واحد وهو أن ممنوع على أي دولة إجراء تفجيرات نووية وذرية على القارة القطبية
وده أمر أو شرط أزعج الولايات المتحدة جدا وقالت إنها هتعلن قبل حدوث أي تفجير أنها ناوية تنفذ تفجيرات نووية لكن بعد الضغط عليها تم توقيع معاهدة عام
١٩٥٩ وشملت المعاهدة تمن مواد وكانوا بينصوا على إن القارة متاحة لجميع الدول حول العالم لتنفيذ التجارب والإجراءات السلمية
وممنوع على أي دولة إجراء أي تجارب عسكرية أو حتى إختبار أي نوع من الأسلحة ألا لو كان الغرض من التواجد العسكري هو إجراء التجارب العلمية فقط
ومش بس كده ده كمان أي دولة هتوقع على المعاهدة دي ملزمة بمشاركة نتائج الأبحاث العلمية مع باقي الدول الأعضاء
وبلغ عدد الدول الأعضاء عام ٢٠١٩حوالي ٥٤ دولة
من بينهم طبعا جميع الدول العظمى
يعني بإختصار اتفقوا إن القارة متاحة لجميع الدول بغرض تنفيذ عمليات البحث العلمي بشرط مشاركة النتائج والعاملين والباحثين مع باقي الدول الأعضاء الموقعين على المعاهدة
وكمان ممنوع على أي دولة أنها تعلن احقيتها في القارة القطبية الجنوبية
وممنوع كمان التواجد العسكري من أي دولة إلا لأسباب بحثية
ولا يحق لأي دولة القيام بتفجيرات نووية إلا بعد تصويت الدول الأعضاء
بإختصار كل الخرافات اللي بتقول إن القارة القطبية الجنوبية والجدار الجليدي محاط بالأرض بالكامل على اعتبار أن الأرض مسطحة هي تصريحات لا أساس لها من الصحة
واللي أكد الكلام ده كمان البروفيسور بيتر نيف
عالم الجليد المتمركز في القارة القطبية الجنوبية داخل محطة ماك موردو
اللي صرح وقال لا أحد منا يهتم بتلك التي تعمل على ترويج نظريات المؤامرة
وكل مقاطع الفيديو الخاصة بي تركز على إظهار الحقيقة للناس
لا إعلم من أطلق هذه الإشاعات
ومن هو صاحب فكرة عدم السماح لأحد بزيارة القارة القطبية الجنوبية
ولكن أعتقد إن الهدف منها هو خدمة المصالح السياسية لبعض الدول بعد اندلاع الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتي
في النهاية عايزين نأكد أن الرحلات الاستكشافية على مدار أكتر من ١٥٠عام بتؤكد حقيقة القارة القطبية الجنوبية والجدار الجليدي
وأنها مجرد قارة يشملها الصقيع والبرودة الشديدة من كل النواحي والصراعات السياسية اللي حصلت بعد الحرب العالمية التانية كانت هي السبب في انتشار الجيش حول القارة لتأمينها من عمليات الاستحواذ والاستيلاء العسكري اللي ممكن تنفذه إي دولة شايفة إنها الوحيدة اللي لها الحق في احتلال القارة وفرض نفوزها على أراضيها بالكامل
وجميع الفيديوهات المنتشرة على شبكات التواصل الإجتماعي هي مقاطع مزيفة ومفبركة
وكتير منها تم تعديله بالذكاء الاصطناعي بغرض الترويج لنظريات المؤامرة لصالح بعض الدول
وبكده تكون خلصت المقال
هستنى رأيكم في التعليقات